روابط المواقع القديمة للحزب

إن الصفحات الأممية للحزب الشيوعي اليوناني تنتقل تدريجياً إلى صيغة موقع جديد. بإمكانكم الوصول إلى النسخات السابقة للصفحات المحدثة سلفاً  و محتواها عبر الروابط التاليةَ:

 

ثمينة هي تجربة الاتحاد السوفييتي في الصراع من أجل الاشتراكية

نظَّم الحزب الشيوعي الفرنسي الثوري يوم 14 كانون الثاني\ يناير 2023 تظاهرة  في باريس بمناسبة مرور 100عام على تأسيس الاتحاد السوفييتي. نُدرج أدناه المداخلة التي أدلى بها في التظاهرة إليسيوس فاغيناس، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني و مسؤول قسم علاقاتها الأممية:

ذَكَرَ قائد الثورة الكوبية فيديل كاسترو في إحدى المقابلات: "أن يقول أحد ما أن اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية لن يكون موجوداً غدا، فإن ذلك يعني بالنسبة لنا أن الشمس لن تشرق غدا". إن هذه العبارة تطبع مشاعر ملايين الشيوعيين وغيرهم من التقدميين، الذين فهموا أن إسقاط الاشتراكية وتفكيك الاتحاد السوفييتي سيعني قيام نكسة اجتماعية كبيرة للعمال في جميع أنحاء العالم.

قبل أسابيع قليلة انقضت 100 عامٍ على تأسيس اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية. حيث خلق توحيد الشعوب على قدم المساواة - وفي الواقع مع امتلاكها الحق في الانسحاب من الاتحاد السوفييتي- طرازاً جديداً لمنظومة الدولة مع حيازتها مبادئ تضامن  العمال و أمميتهم التي جمعت أكثر الأمم اختلافاً. و شُكِّلت دولة مستندة إلى قاعدة اقتصادية مشتركة للتملُّك الاجتماعي لوسائل الإنتاج، والتخطيط المركزي للاقتصاد و الرقابة العمالية.

حقائقٌ لا يمكن أن تخفيها الدعاية البرجوازية

ما من وجود اليوم لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية الذي فُكِّك قبل 31 عاما. حيث تمثلت النتيجة - من بين أمور أخرى – في قيام "تصنيع" للأكاذيب والافتراءات ضده، لكن هذا لا يمكن أن يغير "ثوابت" معينة للواقع، مثل:

  • عبر تشكيل الاتحاد السوفييتي شهدت الشعوب التي كانت قد عاشت في الأراضي التي كانت تعود سابقاً للإمبراطورية القيصرية وتميزت بتخلف اقتصادي وتكنولوجي واجتماعي وثقافي عميق، تطوراً اقتصادياً واجتماعياً غير مسبوق و نهضة وطنية و ثقافية. و ألغي استغلال الإنسان للإنسان. و اكتسبت العديد من مئات الأمم التي عاشت في هذه الأراضي لغة مكتوبة، وتم التغلب على الأمية، و تألق العلم والثقافة.
  • عرفت شعوب الاتحاد السوفييتي مكاسب اجتماعية وسياسية غير مسبوقة، كخدمات الصحة المجانية والتعليم المجاني، والسكن الرخيص، ويوم عمل لمدة 8 ساعات، وسن تقاعد منخفض (60 للرجال - 55 للنساء)، والقضاء على البطالة و حماية الأمومة والطفولة، والضمان الاجتماعي، كما و خطوات مهمة أُنجزت في إلغاء عدم إنصاف النساء، وانتخاب ممثلي الشعب مباشرة من مواقع العمل، مع الحق في سحبهم في حال إخلالهم بالتزاماتهم، قبل إعلان الانتخابات المقبلة و ما شاكلها.
  • كان لإشعاع المكاسب الاجتماعية والسياسية لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية تأثير كبير على العالم الرأسمالي بأسره، و في الاتحاد السوفييتي وجدت الشعوب التي تناضل من أجل حقوقها ضد الاستعمار والرأسمالية والحرب الإمبريالية داعماً ثابتاً.
  • كان اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية القوة الرئيسية التي سحقت وحش الفاشية الذي ولدته الرأسمالية. حيث ستبقى في التاريخ معارك لينينغراد وستالينغراد و موسكو وكورسك والعديد من التضحيات الأخرى للشعب السوفييتي، وكذلك رفع الراية الحمراء على الرايخستاغ و التي كان الجيش الأحمر قد "غرسها" في "قلب" ألمانيا النازية.
  • سار اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية على طرق جديدة "غير مسلوكة" حتى ذلك الحين  في التطور الاجتماعي، و لم يتمكن في هذا المسار من تجنب وجوه الضعف والتشوهات والأخطاء، كتغيير أسلوب انتخاب السوفييتات (1936) و "استعارة" آليات السوق (في عقد الستينيات)، مما أدى إلى إضعاف السلطة العمالية والملكية الاجتماعية لوسائل الإنتاج والتخطيط العلمي المركزي، و إلى تشكُّل تدريجي للظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي "وضعتها على مُدرَّج" إسقاط  تحليقها عبر "البيريسترويكا" (في عقدالثمانينيات).
  • إن إسقاط الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي لم يَجرِ من خلال انتفاضات و ثورات شعبية، بل "من الداخل ومن اﻷعلى" كمآلٍ للتحوُّر الانتهازي للحزب الشيوعي و لتوجه السلطة السوفيتية السياسي المقابل له. و في الممارسة فقد لعبت قوى الانتهازية التي هيمنت على قيادة الحزب الشيوعي السوفييتي، دوراً خائناً لقضية الاشتراكية، وقادت عملية الثورة المضادة. مُعبِّرة بهذا النحو، عن تلك القوى الاجتماعية التي ظهرت تدريجياً داخل المجتمع السوفييتي، و التي سيطرت تدريجياً على هياكل السلطة السوفييتية والحزب الشيوعي ساعية نحو العودة إلى الرأسمالية.

العداء للشيوعية ﻛ"أساس مشترك" لترويج المخططات الإمبريالية

الرفاق الأعزاء،

إننا مَدينون اليوم، بعد انقضاء 31 عاماً على ذلك، أن نسأل الشعوب: كيف هو عالمنا في حاصل اﻷمر ؟ هل غدى عالماً أفضل بدون الاتحاد السوفييتي؟

أكانت على حق، الأحزاب اليمينية و الاشتراكية الديمقراطية و أحزاب "الشيوعية الأوروبية" التي حاربت الاتحاد السوفييتي و احتفلت بنهايته؟

باستطاعة الشعوب التي تجابه اليوم المشاكل المتزايدة التي تسببها الرأسمالية، أن تميز واقعة احتدام استغلال الانسان للانسان بنحو قاسِ، بعد تفكيك الاتحاد السوفييتي و إسقاط النظام الاشتراكي عام 1991 و ذلك حتى يومنا المتواجد على "عتبة" عام 2023. حيث يجري سحقُ مكاسب مهمة للطبقة العاملة والشعوب، كانت قد تحققت منذ عقود من الزمن. و يعود "شتاء" العمل، مع تفكيك نظام الضمان الاجتماعي، وتقييد الحريات والحقوق النقابية، وزيادة البطالة. و تتعزز الأزمات الاقتصادية وسلسلة من القوانين المناهضة للعمال و الشعب. حيث تتضاعف المشاكل الاجتماعية، مع تسليع خدمات الصحة والتعليم و تفاقم مشكلة الإسكان، و مزادات السكن الأساسي و فقر الطاقة، وارتفاع الأسعار، والتضخم الذي يفترس الدخل الشعبي، والضرائب الثقيلة المفروضة على الشرائح الشعبية.

و في الوقت ذاته، تتفاقم المزاحمات والتناقضات الإمبريالية التي تؤدي إلى تدخلات وصدامات وحروب إمبريالية، كتلك الجارية في أوكرانيا. و يتعزز خطر الخراب النووي، في حين يشكل اللاجئون والمهاجرون الآن "أنهاراً" متدفقة.

و بالتأكيد، و على حد السواء تحاول المقاربات البرجوازية الجارية في أراضي الاتحاد السوفييتي السابق، أو في "الغرب"، تقديم الرأسمالية على أنها "اتجاه إجباري" دون وجود أي منفذ بديل للشعوب، و ذلك مع قيامها بإعادة إنتاج العديد من الافتراءات حول "عدم نجاعة الاقتصاد المخطط مركزياً بدون سوق" و عن "جرائم الشيوعية" المزعومة، مثل حالة "غولودومور" الذائعة الصيت و التي روجت لها في أوكرانيا جميع الأنظمة البرجوازية في السنوات الثلاثين الماضية، أو الافتراء القائل بأن الاتحاد السوفييتي تفكك لأن لينين والبلاشفة زرعوا "لغماً" في أساسه، كما يزعم فلاديمير بوتين. إن "القاسم المشترك" بين هؤلاء جميعاً هو عدائهم للشيوعية وتشويه الأحداث التاريخية، بهدف الترويج لسياساتهم وخططهم المعادية للشعوب.

عن الافتراء القائل بأن الحرب في أوكرانيا مرتبطة بـ "إعادة تشكيل الاتحاد السوفييتي"

بالإضافة إلى ذلك، تحاول بعض الأقلام البرجوازية التي حاربت الاتحاد السوفييتي تضليل الشعوب مرة أخرى، بزعمها أن الحرب في أوكرانيا ترجع إلى بوتين "الذي يريد إعادة تشكيل الاتحاد السوفييتي". و على الرغم من ذلك، فإن كِلا بوتين و زيلينسكي والأنظمة البرجوازية الأخرى على أراضي الاتحاد السوفييتي السابق هي "قِطعٌ" من "عجينتهم"! إنها من نواتج إسقاط الاشتراكية و إعادة تنصيب الرأسمالية.

 و لا يتغير هذا مع نشاط القيادة الروسية التي تقوم كأية قيادة برجوازية ﻛ"حرباءٍ" ما من مشكلة لديها في استخدام هذه البدعة أم سواها، وصولاً حتى قيامها باستخدام إرث الاتحاد السوفييتي، الذي حاربته و بشغف في الماضي القريب، وما زالت مستمرة في محاربته بأسلوبها الخاص من أجل تعزيز مصالحها الطبقية ضمن "نزاعها" الكبير الذي اندلع مع القوى الإمبريالية الأخرى (الولايات المتحدة الأمريكية، الناتو، الاتحاد الأوروبي) من أجل السيطرة على المواد الأولية و الطاقة و طرق نقل البضائع، و الدعائم الجيوسياسية و القوى العاملة و حصص اﻷسواق.

 و مع ذلك، فإن هذا لا يعني على الإطلاق أنها تسعى إلى "إحياء" الاتحاد السوفييتي. ليست هذه نية كل هؤلاء "الطفيليين" الذين، يمسكون بأيديهم "مفاتيح" الاقتصاد والسلطة كما هو الحال في كل بلد رأسمالي، وكذلك في روسيا اليوم. إن هدفهم كان ولا يزال، إقامة التوحيد الرأسمالي لأراضي البلدان التي نتجت من الاتحاد السوفييتي السابق، حيث سيكون لطبقة روسيا البرجوازية دور قوي ومميز، مُشابهٍ لدور ألمانيا وفرنسا، في عمليات التوحيد الرأسمالي على أراضي بلدان الاتحاد الأوروبي.

إن الحرب إذن، لا تعود إلى ضربٍ من مزاج حنين القيادة الروسية المؤيد للسوفييت، بل إلى المواجهة الجارية بين قوى الكتلة الإمبريالية الأوروأطلسية (الولايات المتحدة الأمريكية، الناتو، الاتحاد الأوروبي) و الكتلة الإمبريالية الأوراسية التي هي قيد التشكُّل (روسيا، الصين، و غيرها). إن "إعادة تشكيل" اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية، الذي كان اتحاداً لجمهوريات اشتراكية، كان "بيت" دولة مشتركة للشعوب التي كانت تبني مجتمعاً اشتراكياً شيوعياً جديداً، لا يعتمد على أهواء الطغمة الروسية، ولا على درجة حنين السكان له و التي تتزايد باستمرار، على الرغم من تفعيل مجارير الدعاية المناهضة للشيوعية.  بل  يعتمد على الإرادة العملية ودرجة التنظيم العالية للشعوب، وكذلك على استعدادها للمطالبة مرة أخرى بكل ما هو مُلكٌ لها و هو الذي فقدته في العقود الثلاثة الماضية.

عن المطابقة المخطئة بين الاتحاد السوفييتي و روسيا الرأسمالية

تسعى القوى المهيمنة في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى مطابقة روسيا اليوم بالاتحاد السوفييتي، بذريعة "الشمولية" و "القيادات الاستبدادية" مع المضي قدماً في عملية "مطاردة سحرة" جديدة. و  بين أمور أخرى تحاول مطابقة الغزو الروسي غير المقبول لأوكرانيا بالمساعدة العسكرية الأممية التي منحها الاتحاد السوفييتي لبلدان مختلفة في الماضي. وعلى هذا الأساس، نشهد في عدد من البلدان تعزيز حملة تدمير النصب التذكارية السوفييتية، و في بولندا يتم الترويج لتشريع جديد يحظر الحزب الشيوعي.

و في ظل هذه الظروف، تقدِّم خدمة سيئة للغاية للحركة العمالية و الشيوعية  تلك القوى اليسارية - الشيوعية التي تبرر الغزو الروسي لأوكرانيا، و تقبل ذرائع "نزع السلاح" و "نزع النازية" عن أوكرانيا، و أكثر من ذلك بكثير أولئك الذين يُقدِمون خارج الزمان و المكان على مطابقة الاتحاد السوفييتي  الذي كان دولة عمالية مع روسيا الحالية الرأسمالية التي تقودها مصالح القلة. إن محاولة إيجاد أوجه تشابه تارة للحرب السوفيتية الفنلندية (1939-1940)، و طوراً للحرب العظمى ضد الفاشية التي  خاضها الشعب السوفييتي (1941-1945) مع الحرب الإمبريالية الجارية في أوكرانيا، هي محاولة مضللة لأبعد الحدود لأنها تتجرد  من الطابع الطبقي للقوى المتصادمة آنذاك والآن.

و تتجاهل هذه القوى أن الحرب الإمبريالية العالمية الثانية التي كانت المعركة القاسية والبطولية التي خاضها الشعب السوفييتي والجيش الأحمر جزءاً منها، كانت حرباً عادلة فقط للاتحاد السوفييتي و لحركات حرب الأنصار في البلدان المحتلة، و التي كانت تحت قيادة اﻷحزاب الشيوعية، و لم تكن و بالتأكيد حرباً عادلة للأنظمة البرجوازية "الديمقراطية"،  كمثال نظام بريطانيا والولايات المتحدة، اللذين شاركا في التحالف المناهض لهتلر، و كذلك بالنسبة للقيادة الفاشية الألمانية التي كانت مسؤولة عن الحرب الإمبريالية، لقد ارتكبت هذه القوى جرائم جسيمة أثناء خوض الحرب وكانت مصالحها مناهضة للشعب بنحو بعيد، كما اتضح من التدخل الإمبريالي لبريطانيا والولايات المتحدة في اليونان في نهاية الحرب العالمية الثانية.

خارج الزمان و المكان هي مطابقة صين اليوم مع الاتحاد السوفييتي

و بالتالي، فإن الاتحاد السوفييتي شيء وروسيا الرأسمالية شيء آخر. و بالمثل فقد كان الاتحاد السوفييتي شيئاً مختلفاً عما هي صين اليوم، حيث تسيطر علاقات الإنتاج الرأسمالية، و تشكل قوة العمل سلعة، حيث جرى تسليع الحاجات الاجتماعية، كما يجري في باقي العالم الرأسمالي. و بدءاً من عام 2012 حتى اليوم، يُنتج ما يتجاوز 60 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي للصين من قبل القطاع الخاص. و يُحكم  بالفقر على الملايين من البشر، في وقت تحتل الصين المرتبة الأولى في العالم من حيث عدد المليارديرات الذين يملكون مجموعات تجارة ألكترونية ضخمة ومصانع و فنادق ومراكز تسوق ودور سينما ووسائل تواصل اجتماعي وشركات هاتف محمول وما شاكلها. و في الوقت نفسه، يتواجد عشرات الملايين من المهاجرين الداخليين الهائمين على وجههم الذين قد يظلون عاطلين عن العمل دون احتسابهم في الإحصاءات الرسمية، و هم الذين يُحتمل أن تصل نسبتهم إلى 30٪ من قوى البلاد العاملة. و يُستثنى عشرات الملايين من البشر من الخدمات الاجتماعية المعاصرة، كالتعليم التقني والعالي والرعاية الصحية، بسبب تسليع هذه الخدمات ونظراً لأن دخل هؤلاء هو منخفض للغاية. ما علاقة كل ما ذكر آنفاً بتجربة الاتحاد السوفييتي؟ برأينا ليس له أية علاقة.

 فلنستخلص استنتاجات من التجربة السلبية لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية

يشير البعض إلى أنظمة الأمن، كمنظمة اﻷمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا (ملاحظة: مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا سابقاً) و الذي أسس بمساهمة فاعلة من الاتحاد السوفييتي في عامي 1945 و 1975 تباعاً، و ذلك من أجل الدعوة إلى تشكيل "أنظمة أمنية" جديدة، دولية وإقليمية على حد السواء، والتي من المفترض أخذها في الاعتبار "المخاوف الأمنية" لجميع الأطراف و ضمانها السلم مرة أخرى، كما كان الحال عندما كان الاتحاد السوفييتي موجوداً. إن هذه الآراء التي تزرعها قوى اشتراكية ديمقراطية وانتهازية و التي تدعو إلى إنشاء "هندسة أمنية جديدة" يُزعم أنها ستسمح سلمياً بتوفيق مصالح الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي مع مصالح روسيا والصين من أجل تحقيق "التعايش السلمي" هي آراء مضللة بنحو بعيد للشعوب. و ذلك لأن من غير الممكن وجود "إمبريالية سلمية"، كما أظهر لينين، و كما ثبت تاريخياً ونظرياً بأن ما من اتفاقية أو منظمة دولية أو إقليمية للدول الرأسمالية قادرة على ضمان السلام بنحو دائم.

و غالباً ما تكون هذه التصريحات اللاعنفية التي نسمعها مجرد "ورقة توت" لدعم الطبقة البرجوازية لكل بلد في المزاحمات والحروب الإمبريالية. و موصوفٌ هنا أيضاً هو موقف الحزب الشيوعي الفرنسي و الحزب الشيوعي للاتحاد الروسي. حيث تموضَع الحزب الشيوعي الفرنسي في اليوم التالي للغزو الروسي لأوكرانيا بتاريخ 25\2\2022 في صالح "منظور سلام وأمن دائمين في أوروبا، على أساس مبادئ وثيقة هلسنكي النهائية وميثاق باريس لعام 1990". وفي 30\11\2022  "ترابط" موقف الحزب الشيوعي الفرنسي هذا مع تصويته في البرلمان الفرنسي في صالح إقرار التسليح العسكري الفرنسي لحكومة زيلينسكي الرجعية، فضلاً عن دعمه زيادة تعزيز حلف الناتو مع ضم فنلندا والسويد لعضويته. و في الوقت نفسه و على المقلب الآخر، يجري دعم الحزب الشيوعي لروسيا الاتحادية للطبقة البرجوازية الروسية في الحرب الإمبريالية في أوكرانيا- و من بين حجج أخرى- من خلال حجة الدفاع عن "الحضارة الروسية" في "حرب الحضارات" و بحجة الحاجة إلى "هندسة جديدة للأمن و العلاقات الدولية" و التي بدأت تتشكل مع الغزو الروسي لأوكرانيا. حيث من المعروف أن الانتهازية تأتي في اللحظات الحرجة مع مختلف الحجج المصاغة جيداً، كمثال حجة "من أجل السلام"، لتدعم المخططات والحروب الإمبريالية للطبقات البرجوازية على كل جانب. و كما هو معروف، فإن حزبنا الشيوعي اليوناني وقف مع 44 حزباً شيوعياً و 30 منظمة شبيبية شيوعية ضد الحرب الإمبريالية. يؤكد الحزب الشيوعي اليوناني على أن الطبقة العاملة والشرائح الشعبية ألا تختار الاصطفاف إلى أحد جانبي هذا الصدام الإمبريالي. إن الجانب الصحيح من التاريخ هو تعزيز الصراع ضد الرأسمالية، من أجل إسقاط السلطة البرجوازية وبناء المجتمع الاشتراكي الجديد.

يجب أن نلاحظ أيضاً أن سلسلة من التقييمات الخاطئة و الخط السياسي لـ "المنافسة السلمية" للنظامين، التي سيطرت على اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية بعد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي، كانت "رياحاً مؤاتية" لإبحار قوى الشيوعية الأوروبية وبشكل عام للآراء الانتهازية. و من حيث المبدأ، فإننا نتحدث عن مبالغة سادت في الاتحاد السوفييتي في تقدير العمليات الإيجابية العالمية الحاصلة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وكذلك عن الفصل الخاطئ الذي اعتمده الاتحاد السوفييتي تجاه القوى البرجوازية في البلدان الأخرى، و هو الذي شوه "إشارة لينين إلى التعايش السلمي،  و التي كان تتعلق بالعلاقات الاقتصادية والتجارية بين النظامين الاجتماعيين والاقتصاديين، و التي جرى تحويرها و منحها محتوى أيديولوجياً واستراتيجياً[1]". و على الرغم من ذلك، فإن موقفاً تاريخياً كالمذكور كان في الممارسة: "يُجمِّل الرأسمالية و يرسخ رؤية مخطئة تقول بإمكانية تعايش النظامين و تنافسهما بسلام على اﻷقل لفترة زمنية  ما[2]". فوق اﻷرضية المذكورة أعلاه، تطورت مواقف طوباوية وسياسات انتهازية حول "أنظمة أمن" دولية و إقليمية، من شأنها ضمان "التعايش السلمي" و "الاحترام" المتبادل للنظامين الاجتماعيين والسياسيين، مع الاستهانة بأهمية طبيعة الإمبريالية "المفترسة".

بعد دراسة تاريخ الاتحاد السوفييتي، أفاد تقييم الحزب الشيوعي اليوناني: "أن خط "التعايش السلمي"، كما تطوَّر في السنوات التي تلت الحرب مباشرة، و الذي كان قد تطور بدرجة ما ضمن المؤتمر اﻟ19 (تشرين اﻷول\ أكتوبر عام 1951) و بنحو أساسي في المؤتمر اﻠ20 للحزب الشيوعي السوفييتي (1956) و كان قد اعترف ببربرية الرأسمالية و بعدوانية الولايات المتحدة وبريطانيا، كعنصر متأصل في بعض قطاعات الطبقة البرجوازية و قواها السياسية في الدول الرأسمالية الغربية، و لكن دون اعتباره عنصر متأصلاً في الرأسمالية الاحتكارية، الإمبريالية. و بهذا النحو سمح هذا الخط بتنمية رؤى طوباوية قائلة بإمكانية قبول الإمبريالية للتعايش وعلى المدى الطويل، مع قوى قامت بكسر هيمنتها العالمية[3]".

الرفاق الأعزاء،

إننا مدعوون اليوم لدراسة المسار التاريخي لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية، و لرفض العداء للسوفييت و العداء للشيوعية، الذي تطوره قوى برجوازية و انتهازية، ولكن و في نفس الوقت إلى رفض تجميل الاتحاد السوفييتي. يجب علينا أن نواجه هذا الماضي الاشتراكي بنحو نقدي، وأن نتعلم على حد السواء من إيجابياته و أوجه ضعفه، وذلك من أجل مواءمة أفضل لتدابير المتطلبات الحالية من أجل إسقاط الهمجية الرأسمالية بنحو ثوري وبناء المجتمع الاشتراكي الشيوعي الجديد.

إننا على يقين أن القرن الحادي والعشرين سيكون قرن ثورات وانتفاضات اشتراكية جديدة، مع حيازتنا التجربة القيمة المستخلصة من المحاولة الأولى لبناء المجتمع الجديد، باعتبارها مدداً إضافياً.



[1]     المجلد الثاني لاستقراء تاريخ الحزب الشيوعي اليوناني للفترة 1949 – 1968، الصفحة 94.

[2]     المجلد الثاني لاستقراء تاريخ الحزب الشيوعي اليوناني للفترة 1949 – 1968، الصفحة 93.

[3]               قرار المؤتمر الثامن عشر للحزب الشيوعي اليوناني حول موضوع: "تقديرات و إستنتاجات استخلصت من عملية البناء الإشتراكي في إتحاد الجمهوريات السوفييتية الإشتراكية خلال القرن العشرين".