روابط المواقع القديمة للحزب
تموضع استهلالي للحزب الشيوعي اليوناني في اللقاء الشيوعي الأوروبي
" إننا نعزز الصراع العمالي الشعبي ضد الهمجية الرأسمالية التي تلد الحروب والفقر واللاجئين والمهاجرين.
من أجل أوروبا الاشتراكية والسلام والعدالة الاجتماعية ".
بروكسل 7 كانون الأول/ديسمبر 2015
الرفاق الأعزاء،
نرحب بكم في اللقاء الشيوعي الأوروبي الذي ينظمه الحزب الشيوعي اليوناني، لكي تكون لنا فرصة نحصل كأحزاب شيوعية وعمالية في أوروبا فرصة لتبادل الآراء والأفكار حول التطورات و حول نضالنا المشترك.
ونحن نعتبر أن مسألة حاسمة في الظروف الحالية تتمثل بشكل خاص، في مقدرة شيوعيي أوروبا أن يلتقوا و يناقشوا خصوصا اليوم مع تصاعد العدوانية الرأسمالية، و أن يثبتوا بأن هذا النظام هو "متلازم" مع الأزمة الاقتصادية والبطالة والفقر والحروب الإمبريالية والبؤس الذي يجلبه النزوح والهجرة، و ذلك بمعزل عما إذا كانت بلدانهم منضوية أم لا في منظمة الاتحاد الأوروبي الإمبريالية، و بمعزل عما إذا كان لهم أم لا، تمثيل هنا في البرلمان الأوروبي أو برلماناتهم الوطنية. و ذلك في يومنا، حيث لا يتأكد فحسب عجز هذا النظام الإجتماعي الإستغلالي، أي عجز الرأسمالية عن تلبية الحاجات الأساسية للعمال، كالضمان الاجتماعي والصحة والتعليم، بل قام بتحويلها مع كل باقي الحاجات الإنسانية المعاصرة، إلى حيِّز من أجل زيادة ربحية الاحتكارات.
حيث تبرز اليوم بشكل راهنية و ضرورة الاشتراكية، من واقع المآزق الاجتماعية للرأسمالية.
الرفاق الأعزاء،
لقد كانت التطورات في العام الذي انقضى منذ لقائنا الأوروبي الشيوعي و العمالي السابق، سريعة و ليس فقط في أوروبا، بل أيضا في المنطقة الأوسع و العالم، وهو أمر يتجلى بمثال ملايين اللاجئين من سوريا، أو بمثال اتفاقية الشراكة الأطلسية للتجارة والاستثمار(TTIP) الجاري إعدادها في هيئات أركان الرأسماليين"المغلقة"، و هما الذين أنه من واضح تأثيرهما على حياة الملايين من العمال في أوروبا.
و تتطور المزاحمات بين القوى الامبريالية في كثير من أنحاء العالم، من القطب الشمالي حتى أفريقيا، ومن أوروبا إلى بحر الصين الجنوبي.
حيث تمثل منطقة شرق المتوسط إحدى هذه المناطق التي تجذب كالمغناطيس، اهتمام مصالح احتكارية كبرى و اهتمام قوى امبريالية عاتية و حلفائها.
و كما كان متوقعاً، قاد تدخل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا و ممالك الخليج و سواهم في المنطقة، و هو المتكشف منذ عام 2011، إلى حضور التورط العسكري الروسي في سوريا، الذي بدأ في 30 أيلول/سبتمبر. و من الواضح أن كل هذه الأمور تشير إلى احتدام التناقضات الإمبريالية البينية في منطقة الشرق الأوسط وشرق المتوسط.
و قد كان الحزب الشيوعي اليوناني قد أدان التدخل المذكور ذي العواقب الجدية على شعب سوريا كما و المنطقة الأشمل، و منذ لحظته الأولى أي حينما كانت الأحزاب البرجوازية والانتهازية الأخرى "تحتفل" بما سمي بالربيع العربي، حيث كشف حزبنا عملية تمويل و تسليح ما يسمى بالمعارضة في سوريا المنظمة من قبل قوى امبريالية، و هي التي كان من بين تبعاتها: تشكيل و تمدد مسخ "الدولة الإسلامية" كما و نشوء موجة نزوح هائلة.
و في ذات وقت إعراب الحزب الشيوعي اليوناني عن تضامنه مع الشعب الفرنسي وتعاطفه مع أسر ضحايا المذبحة الهمجية التي اقترفها تنظيم "الدولة الإسلامية" مؤخرا في باريس، حذر الحزب لكي لا تشكل هذه الواقعة ذريعة لتصعيد التدخلات الإمبريالية في المنطقة و لحرب إمبريالية، و لتضارب مصالح تدفع شعوب المنطقة ثمنه حصراً. ولكي لا تكون ذريعة لاتخاذ تدابير قمعية جديدة ضد الحريات الديمقراطية والشعبية، و لعسكرة الحياة السياسية لبلدان أوروبا، و ذريعة لموجة جديدة من رهاب الأجانب والعنصرية و لرؤى يمينية متطرفة و فاشية تتوجه ضد أخوتنا البشر الباحثين عن "مصير لهم" كلاجئين و مهاجرين.
ونحن نعتقد أنه من المضلل حين اندلاع هذا الصدام الإمبريالي أو سواه، قيام نقاش حول من بدأه أولاً، أو حول من يحافظ على "القانون الدولي"الذي أصبح أكثر رجعية كما و"مطاطية" لكيما تتذرع به جميع القوى الامبريالية.
حيث خطيرة هي الدعاية الجارية حاليا على المستوى الدولي، و هي التي تستغل همجية الجهاديين المتعصبين، لزراعة مناخ مؤيد للحرب داخل صفوف الطبقة العاملة والشعوب، ضد شعوب أخرى بذريعة الدين.
ولكن الجوهر، الذي يجب أن نوضحه نحن الشيوعيون هو ماهية "الأرضية" التي تقوم عليها هذه الحرب، و هي ليست سوى مصالح الاحتكارات. إن الجوهر يتمثل في ماهية القوى المتصادمة، و في أن هذه القوى هي ذات محتوى طبقي معين.
في ظل هذه الظروف يعرض الحزب الشيوعي اليوناني مطلب عدم تضحية الشعب وخاصة الشباب بالدماء من أجل مصالح رأس المال والمستغلين.
و من موقع علاقة هذا المطلب بالشعب العامل، فإن تحقيقه لا يكون عبر مشاركة بلداننا في منظمات امبريالية كحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، و هي المشاركة التي تقبلها جميع الأحزاب البرجوازية من ليبرالية و اشتراكية ديمقراطية من أحزاب يمينية و يسارية مزعومة، كما هو حال حزبي الجمهورية الجديدة و سيريزا في اليونان، حتى و حال منظمة الفجر الذهبي، النازية.
و لا يُضمن تحقيقه عِبر المنطق الذي تغذيه مختلف الأحزاب، و هو القائل بوجوب اختيار الإصطفاف بجانب تكتل إمبريالي ما أو تكتل تحالفات جيوسياسية دولية، معينة.
فشيء آخر تماما، هو استغلال سلطة عمالية شعبية ما، لواقع التناقضات القائمة و تباين مصالح الدول الرأسمالية، وشيء مختلف هو الانضمام إلى تحالف الامبريالي و اتحاد دول رأسمالية، مع امتلاك وهم قائل بإمكانية أن يصب ذلك في مصلحة الطبقة العاملة والشعب و منظور السلطة الشعبية والاشتراكية.
إننا نعتقد بوجوب استغلال الحركة الشيوعية للتناقضات الامبريالية البينية، بهدف إضعاف التحالفات الإمبريالية و زعزعة استقرار السلطة الرأسمالية في بلدها أو في بلد آخر، سواء أكان البلدان مهاجماً أم مدافعاً.
و لكيما يستغل حزب شيوعي معين و بشكل صحيح التناقضات الامبريالية البينية القائمة، ينبغي ألا يُحتبس ضمن مخططات أي مركز إمبريالي، بل أن يدافع عن المصالح الحيوية للطبقة العاملة في بلده و إقليمياً و على المستوى العالمي.
إن حزبنا يطرح و بشكل علني مسألة انسحاب اليونان من جميع التحالفات الإمبريالية، كحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، مؤكدا أن تأمين ذلك يكون عبر سلطة عمالية شعبية عبر مسار التطور الاشتراكي.
و في نفس الوقت، يُعرب حزبنا و بشكل عملي، عن تضامنه مع عشرات الآلاف من البشر المعذبين الذين وصلوا إلى بلدنا بعد صراعهم مع الأمواج و هم متجهون إلى بلدان أوروبية أخرى. ما من أحد أحد يريد أن يُقتلع من موطنه.
ونحن نعلم جيدا، ذاك الأمر الذي دفع العديد من البشر إلى النزوح من بلدانهم و هو ذو أسم و عنوان: إنها الهمجية الرأسمالية التي تجلب الفقر والبطالة والحروب.
يكافح الحزب الشيوعي اليوناني ضد أسباب النزوح والهجرة، كما و النازية و الفاشية وممثليها الحاليين في اليونان، الذين سعوا في جملة أمور، إلى استغلال المسألة الكبيرة لتيارات الهجرة، من أجل زرع القومية و رهاب الأجانب والعنصرية، ضمن صفوف الشعب. و يدعو حزبنا الشعب و الحركة العمالية الشعبية إلى تشديد التضامن مع اللاجئين والمهاجرين
حيث من غير الممكن القضاء على هذه المشكلة إذا لم تتوقف التدخلات الامبريالية والحروب التي يقوم بها الاتحاد الأوروبي و الولايات المتحدة و منظمة حلف شمال الأطلسي. إننا نناضل لكي لا يكون لليونان أي مشاركة فيها. ولا التدابير القمعية لأجهزة الاتحاد الأوروبي هي قادرة على تقديم حل لها. و لذلك فنحن نطالب بإلغاء لائحة دبلن و شنغن و فرونتكس. و نعتقد بوجوب تأمين ظروف استقبال و ضيافة لائقة للاجئين، و نكافح من أجل تعزيز طواقم الموظفين والبنية التحتية ذات الصلة بعمليات الإنقاذ و التسجيل و الإيواء و الإطعام و الرعاية و العلاج والنقل الآمن من الجزر حتى نقاط الخروج من البلاد.
الرفاق الأعزاء،
إن الأزمة الرأسمالية عند وقوعها لا تمر فحسب ﻜ"مدحلة" فوق الحقوق الاجتماعية و مكاسب العمال في أوروبا، بل تقوم أيضاً ﺑ"خلط أوراق" ميزان القوى بين الدول الرأسمالية. و هو ما يحدث داخل الاتحاد الأوروبي حيث تحتدم المزاحمات والضغط على ألمانيا لتتحمل حصة أكبر من الأزمة، كما و العلاقات إجمالاً بين الدول في العالم الرأسمالي.
لقد أثبت أن ما يسمى ﺑ"عالم متعدد الأقطاب" لا يمت بصلة ﻠ"سلام" و "أمن" الشعوب و لا بحل التناقضات، كما يزعم أتباعه. فحين تتضمن كل"هندسة معمارية" للعلاقات الدولية على "أحجار زاوية" تتمثل في دول متواجدة في مراحلها الاحتكارية، أي في ظروف إمبريالية، فهي تحمل نزوعها نحو التدخل والحرب الإمبرياليين، باعتباره "وصمة" ولادية. و قد كنا في العام الماضي قد تحدثنا بإسهاب عن التدخل العلني و السافر للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في أوكرانيا، في سياق مزاحمتهما لروسيا من أجل السيطرة على طرق الطاقة والمواد الأولية، و حصص الأسواق. حيث كان لهذه المزاحمات و لصعود القوى القومية والمناهضة للشيوعية"لعرش" الحكم، عواقب مأساوية على شعب أوكرانيا، الذي يشاهد "تساقط أوراق" بلاده و يعيش حرباً أهلية من أجل المصالح غريبة عنه، كما و يواجه تدابير جديدة مناهضة للشعب شعبية و تدابير قمعية، على غرار العملية المخططة لحظر الحزب الشيوعي و الأيديولوجيا الشيوعية في أوكرانيا.
و من منبرنا هذا، نريد أن نعبر عن تضامننا مع شيوعيي أوكرانيا، الذين يواجهون هذا التطور المناهض للشعب و من جهة أخرى أن نندد بواقعة قيام رئيس أوكرانيا قبل بضعة أشهر بإدراج اسماء ثلاثة من كوادر الحزب الشيوعي اليوناني في"القائمة السوداء" و من بينهم اسم نائبنا في البرلمان الأوروبي سوتيريس زاريانوبولوس و نائب رئيس البرلمان اليوناني عن حزبنا، يورغوس لامبروليس.
الرفاق الأعزاء،
اسمحوا لي أن أطرح و باختصار اثنتين من القضايا الدولية الأخرى، ذات الأهمية القصوى لشعوب أوروبا و لتنظيم نضالنا.
1) باشرت الولايات المتحدة مع حلف شمال الأطلسي في الفترة الأخيرة اختبار ما يسمى ﺑ"درعهما الصاروخي" في أوروبا. و على الرغم من تقديم هذا النظام الصاروخي، على أنه "اجراء وقائي" من إيران" أو من "الإرهابيين"، فهو ذي هدف واضح يتمثل بالسماح للولايات المتحدة بإمكانية توجيه الضربة الأولى النووية ضد روسيا، دون وجود خطر عليها من تلقي ضربة جوابية. إننا بصدد خطوة خطيرة للغاية، ما دامت تحول الأراضي الأوروبية ﻠ"مسرح" حرب نووية و مواجهة مع روسيا، حيث من المطلوب هنا نشاط الشيوعيين و سواهم من المناضلين من أجل "اقتلاع" قواعد و "مرتكزات" مخطط الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي، و بالتأكيد، اقتلاع مقومات أي مخطط إمبريالي مماثل.
2) إن اتفاقية الشراكة الأطلسية للتجارة والاستثمار (TTIP)، التي توصَّف ﮐ"ناتو"اقتصادي بالنسبة للإحتكارات" و التي يروج لها بسرية مطلقة، تسبب وقوع ردود فعل. حيث تتجلى تحفظات معينة تجاهها، حتى من قبل قوى سياسية برجوازية، و هي التي تخدم بالطبع، قطاعات معينة من رأس المال تسعى لانتزاع المزيد من الفوائد على نحو ابعد.
حيث يعارض الاشتراكيون الديموقراطيون المسكوكون حديثا كسيريزا و بوديموس إبرام الإتفاقية الأطلسية، على غرار باقي الانتهازيين المتمظهرين بشكل أساسي عبر حزب اليسار الأوروبي، معبرين عن مصالح قطاعات من رأس المال، مع تركيز خلافهم مع بعض الجوانب الإنتقائية من هذه الإتفاقية لا مع جوهرها. و يدافعون عن ربحية المجموعات الاحتكارية، عبر إبرازهم لأقصوصة الانتعاش الرأسمالي اﻠ"قابل للحياة" و "المستدام" و يرون في هذه الإتفاقية "عقبة"أمام امتلاك الرأسمالية ﻠ"قوانين، و سيطرة و معايير" التي يزعمون بأنها ستضع "لجاماً" للاحتكارات. و يخفون عمداً حقيقة أن هذه الإتفاقية ليست عبارة عن إنحراف و بل هي تأكيد لا جدال فيه للطبيعة الاستغلالية لهذا النظام.
و ذلك لأن هذا الإتفاقية تفتح هذا الاتفاق الطريق أمام التشكيك وإلغاء كل ما تبقى من حقوق عمالية نافذة، بعد الهجمة الوحشية التي شنها الاتحاد الأوروبي و الحكومات البرجوازية خلال استغلالهم لواقع الأزمة الرأسمالية. إن هدفهم هو إسقاط حقوق العمال نحو أدنى مستوى ممكن، ما دام السعي المشترك للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يتمثل في تحقيق خفض كبير في سعر قوة العمل. حيث و باختصار، سيجري "تزويج" التدابير المناهضة للعمال العمل و واقع "غابة" العمل النافذ في جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، أمر سيكون ذي عواقب متعددة على الطبقة العاملة والشرائح الشعبية الفقيرة.
حيث من المطلوب هنا نشاط الشيوعيين، و في المقام الأول للكشف عن هذه المشاريع، كما و عن النقاش المضلل الزاعم بإلغاء "سيادة" الاتحاد الأوروبي، أو "سيادة دوله الأعضاء" كنتيجة لهذه الإتفاقية. و هم عبر أسلوبهم هذا، حقيقة أن السعي نحو هذه الاتفاقية هو جارٍ من قبل الحكومات البرجوازية في الاتحاد الأوروبي هو بالتأكيد عبر "مساومات" مع الولايات المتحدة، و لحساب حاجات الاحتكارات الأوروبية من أجل تأمين وتعزيز مواقعها في المزاحمات الاحتكارية الجارية في جميع أنحاء العالم. يكافح الحزب الشيوعي اليوناني ضد الاتفاقية المناهضة للشعب، مؤكدا على أنها لا غير قابلة لا لتوصيات ولا لتصحيحات. و يدعو لنضال شعبي لرفض هذه الإتفاقية، ضمن توجه النضال من أجل إسقاط النظام الاستغلالي الذي تخدمه.
أيها الرفاق،
و خلال حديثنا عن التطورات في اليونان، هنا و منذ عام، أي عندما كان حزب سيريزا في المعارضة، كنا و منا هذا المنبر قد وصفنا "المدار" التي سيتبع هذا الحزب في حال ائتمنته الطبقة البرجوازية على "مقود" السلطة البرجوازية. بإمكاننا اليوم أن ننظر في أعينكم، لأن الحزب الشيوعي اليونان خاض و يخوض بشكل حاسم، معركة الدفاع عن مصالح الشعب، و علاوة على ذلك فقد تأكدت صحة جميع توقعات حزبنا.
فعبر وجود حكومة سيريزا و اليونانيين المستقلين، يواجه شعبنا هجمة من رأس المال على طول الجبهة، و هي التي بالطبع، تعهدت حكومة حزبي: سيريزا "اليساري" المزعوم، و اليونانيين المستقلين "الوطني" المزعوم"، عبر تنفيذ اتفاق المذكرة البربري المناهض للشعب، الذي أقراه بالاشتراك مع أحزاب الجمهورية الجديدة و الباسوك والنهر.
حيث تنفذ الحكومة كل يوم من خلال مشاريع القوانين التي تحضرها إلى البرلمان، تدابيراً همجية لم يسبق لها مثيل. هي تدابير تزيد الضرائب المفروضة على الأسر الشعبية مع أكثرها نموذجية فرض زيادة ضريبية كبيرة على المزارعين و صغار الكسبة، في حين يجري تثبيت الإعفاءات الضريبية لرأس المال. و تستهدف ما بقي واقفاً من حق الضمان الاجتماعي من خلال رفع سن التقاعد. و تستعد للهجوم على حق الإضراب والحقوق النقابية الأخرى، في حين مواصلة عمليات الخصخصة. حيث تشكل هذه الهجمة دليلاً على أن استغلال قوة العمل هو شرط أساسي لانتعاش الربحية الرأسمالية.
و تتصدر حكومة سيريزا و اليونانيين المستقلين مخططات حلف شمال الاطلسي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المنطقة و تشارك بها بنشاط، عبر منحها مناطق بأكملها من البلاد لإنشاء قواعد الناتو الجديدة وبنىً تحتية عسكرية هجومية.
لقد قدمت الحكومة "اليسارية" المزعومة وتقدم، خدمات كبيرة للنظام. فهي عبر عباءة "اليسار" تزعم كفاحها داخل الاتحاد الأوروبي، و ذلك بالترابط مع قيامها بالابتزاز و زرع الأوهام، ضمن محاولة لإقناع جزء كبير من الشعب بأن السياسة الحالية هي اتجاه إجباري و بأن الأمر الوحيد الذي بإمكان الشعب فعله هو اختيار ماهية الحكومة و المدير الذي سيطبق المذكرة و السياسات المناهضة للشعب. و قد أسهمت الحكومة في رجعنة قوى يسارية و جذرية كانت قد كافحت في السنوات السابقة ضد التدابير المناهضة للشعب.
حيث تتأكد و لمرة أخرى قدرة ما يسمى بالحكومات اليسارية و ما يسمى بالأحزاب اليسارية التجديدية، التي تتضمن في صفوفها شيوعيين سابقين مهجَّنين، على إنجاز العمل القذر على وجه أفضل و في الوقت المناسب لصالح رأس المال، بينما يقودون الشعب والحركة نحو السلبية والإحباط.
و بهذا الأسلوب أيضاً تأكدت صوابية موقف الحزب الشيوعي اليوناني الثابت الذي رفض و بشجاعة خلال هذه السنوات المشاركة في حكومات إدارة مماثلة للنظام الرأسمالي و لسياسات الاتحاد الأوروبي المعادية للشعب و لعدوانية حلف شمال الاطلسي. ومن هذه المنبر، نود أن نشكر جميع الأحزاب الشيوعية والعمالية التي دعمت حزبنا في العديد من المعارك الانتخابية الحاسمة، التي خضناها بروح قتالية خلال عام 2015.
لقد صمد الحزب الشيوعي اليوناني، و خرج منها معززاً: أيديولوجياً وسياسيا وتنظيميا و أكثر خبرة و قوة، و حافظ على قواه في البرلمان. حيث تتصدر قواه اليوم جنبا إلى جنب مع قوى الشبيبة الشيوعية اليونانية، خطوط النضال في مواقع العمل و في صفوف الحركة العمالية الشعبية. إننا نخوض معركة كشف مخططات الحكومة والأحزاب البرجوازية الأخرى و أركانها، التي تهاجم الطبقة العاملة و بشكل مشترك، بهدف جعلها قوة عمل أرخص و خاضعة. و للكشف عن طبيعة المذكرات أي عن حقيقة أن حضور لأي انتعاش و حتى طفيف للاقتصاد الرأسمالي و لربحية رأس المال، يشترط إلغاء أي مكاسب و أنه تحت أي ظرف من الظروف لن يقود إلى ارتفاع مستوى المعيشة و إلى التخفيف من معاناة الأسر الشعبية. و أكثر من ذلك بكثير في وقت قد يزداد الوضع سوءاً، حيث تظهر علامات لتطور أزمة متزامنة دولية جديدة و تتفاقم التناقضات الإمبريالية.
فكما أظهر اليوم، الإضراب العمالي الشامل و الناجح على المستوى الوطني، يوم 12تشرين الثاني/نوفمبر، فإنه بالإمكان خلق ظروف أفضل لتنظيم و إعادة تشكيل الحركة العمالية، و لتعزيز التحالف الشعبي. بالإمكان وجود تصدعات في ميزان القوى السلبي الحالي في اليونان ودوليا.
و يكفي لذلك أن يقوم الشعب باستخدام خبرته وجعلها قوة كفاح انقلابي. إذ تقوم سلفاً النقابات في بلادنا، تحت رايات جبهة النضال العمالي "بامِه"، بالإعداد لإضراب جديد على المستوى الوطني. كما و خرج المزارعون سلفاً إلى الطرقات على حواجز جراراتهم. و ينظم التلاميذ و الطلاب مسيراتهم الكبيرة. حيث تتمثل ذروة الصراع في التدابير الجديدة المناهضة للشعب، التي تحضرها حكومة سيريزا، بناء على اتفاقها مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي واللجنة الرباعية فوق أساس المذكرة الثالثة التي تنفذها. حيث يجري إعداد ضربة جديدة لنظام التأمين الاجتماعي، و عمليات رهن و مزادات علنية على المسكن الأولي للعمال و لشرائح شعبية حتى الوسطى منها، وقطع الكهرباء عن المدينين و فرض الضرائب العالية على الأسر الشعبية، في حين تعزيز إعفائات الصناعيين و ملاكي السفن ورجال الأعمال.
ونحن على قناعة تامة بأن هناك حل. و بأنه بإمكان الشعب العامل أن يعيش أفضل، كما ينبغي، أي كما يليق به اليوم، استنادا إلى قدرات المجتمع. حيث يمر هذا الطريق من خلال تشكيل تحالف اجتماعي قوي شعبي، هو الذي من شأنه أن يناضل ضد التدابير الجديدة المناهضة للشعب جديدة مع الحفاظ على بوصلة ثابتة في النضال ضد الاحتكارات و الرأسمالية والإمبريالية. حيث بإمكان تشكيل و تعزيز هذا التحالف اليوم، المساعدة في تغيير ميزان القوى السلبي، و تعزيز التنظيم والروح القتالية و الكفاحية للطبقة العاملة وغيرها من الشرائح الشعبية ضد الخنوع والقدرية، و ضد خضوع الشعب لمديري همجية الرأسمالية، القدامى منهم و الجدد، خلال النضال من أجل مجتمع خال من استغلال الإنسان للإنسان، من أجل الاشتراكية.
وتماما كما يثبت عبر الممارسة، فعندما يكون هدفك إسقاط الرأسمالية وبناء عالم جديد، عالم الاشتراكية، فإنك تكافح يوميا بمزيد من العزم و النجاعة لتنظيم وتحرير الطبقة العاملة. و حصراً فوق هذا الأساس و ضمن هذا الاتجاه، بالإمكان خلال الظروف الحالية تحقيق مكسب و حقوق في سبيل تلبية الحاجات المعاصرة للعمال و الشعب.
9.12.2015